فصل: غلط البصر من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المناظر (نسخة منقحة)



.الحركة:

وقد يعرض الغلط في الحركة أيضاً من أجل الصغر المفرط. وذلك أن البصر إذا أدرك مبصرين متحركين على مسافتين متشابهتين، وقطع المبصران في زمان واحد جزء ين من المسافتين المتشابهتين، وكان الجزءان اللذان قطعهما المبصران المتحركان يختلفان بمقدار يسير في غاية الصغر بالقياس إلى جملة كل واحد من ذينيك الجزء ين، فإن البصر يدرك الحركتين اللتين بهذه الصفة متساويين ولا يشك في أن المتحركين الذين بهذه الصفة متساويا الحركة، وحركتاهما مع ذلك مختلفتان، لصغر التفاضل الذي بين المسافتين اللتين قطعهما ذانك المتحركان.
وإذا أدرك البصر الحركتين المختلفتين متساويتين فهو غالط في تساويهما، والغلط في الحركات وفي تساوي الحركات واختلافها هو غلط في القياس لأن الحركات وتساويها واختلافها يدرك بالقياس. وعلة هذا الغلط هو خروج التفاضل الذي بين المسافتين اللتين قطعهما المتحركان في زمان واحد عن عرض الاعتدال. لأن المتحركين اللذين يقطعان مسافتين متشابهتين في زمان واحد، إذا كان التفاضل الذي بينهما مقتدر المساحة، فإن البصر يدرك اختلاف حركتيهما ولا يشتبه عليه ذلك إذا كانت المعاني الباقية التي في تينك المسافتين وفي ذينك المتحركين في عرض الاعتدال.
السكون والحركة وقد يعرض الغلط في السكون أيضاً من أجل الصغر المفرط. وذلك أن البصر إذا أدرك بعوضة أو ذرة وكانت تلك البعوضة أو تلك الذرة في غاية الصغر، وكانت ثابتة في موضع واحد، وكانت تلك البعوضة أو تلك الذرة مع ذلك تحرك أعضاءها أو شيئاً من أعضائها، فإن البصر ليس يدرك أعضائها في أكثر الأحوال. وإذا لم يدرك البصر حركة أعضائها وكانت ثابتة في موضع واحد فإنه يظنها ساكنة.
وإذا أدرك البصر الحيوان المتحرك ساكناً فهو غالط فيما يدركه من سكونه، ويكون ذلك غلطاً في القياس لأن السكون يدرك بالقياس. وعلة هذا الغلط هو صغر أعضاء البعوض والذر وخروجها عن عرض الاعتدال بالإفراط في الصغر، لأن الحيوان المقتدر الحجم الذي أعضاؤه ولا تشتبه حركتها عليه إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك الحيوان في عرض الاعتدال.
الخشونة والملاسة وقد يعرض الغلط في الخشونة والملاسة من أجل الصغر المفرط وذلك أن المبصر إذا كان في غاية الصغر كالبعوض أو عضو من أعضاء البعوض أو الذرة أو جزء من الذرة، فإن البصر إذا أدرك المبصر من هذه المبصرات فإنه لا يحس بهيئة سطحه ولا بخشونته إن كان خشناً ولا بملاسته إن كان أملس، لأن الخشونة والملاسة إنما يدركها البصر من إدراكه لأجزاء السطح وإدراكه لاختلاف وضع أجزائه أو تشابه أوضاعها، أو من إدراكه لاختلاف صورة الضوء الذي يظهر في السطح أو تشابه صورته. وإذا كان المبصر في غاية الصغر فليس يدرك البصر أجزاء سطحه، وإذا لم يدرك البصر أجزاء السطح فليس يحس بخشونته ولا بملاسته، فإن ظن البصر بشيء من هذه المبصرات أنه خشن فربما كان أملس وإن ظن بشيء منها أنه أملس فربما كان خشناً.
وإذا كان ذلك كذلك فالبصر قد يغلط في خشونة ما هذه صفته من المبصرات وفي ملاسته إذا حدس على خشونته وملاسته، فيكون غلطه غلطاً في القياس لأنه ليس يحدس البصر على خشونة شيء من الأشياء ولا على ملاسته إلا بأمارة يستدل بها على ما يظنه من خشونة ذلك المبصر أو ملاسته، أو من تشبيهه بغيره من المبصرات الخشنة أو الملس. وعلة هذا الغلط إذا عرض للبصر إنما هو الصغر المفرط، لأن المبصر إذا كان مقتدر الحجم فإن البصر يدرك خشونته وملاسته على ما هي عليه إذا كانت المعاني التي فيه عرض الاعتدال.
الشفيف فأما الشفيف فإن المبصر إذا كان في غاية الصغر وكان ذلك من الأحجار، وكان لونه شبيهاً بلون الأحجار المشفة، فإن البصر ربما ظنه من جملة الأحجار المشفة، وإن لم يكن مشفاً، إذا كان لونه وصورته تشبه الأحجار المشفة المتلونة كالجواهر المشفة. وإنما يتم على البصر هذا الغلط إذا لم يتمكن من استشفاف ذلك المبصر لصغر حجمه المفرط في الصغر، وإذا لم يتمكن من استشفافه وعول على المعاني الظاهرة التي هي اللون والصقال الذي يشبه ألوان الجواهر المشفة وصقالها ظنه من جملة الأحجار المشفة.
وقد يعرض الغلط في الكثافة أيضاً من أجل الصغر المفرط. وذلك ان المبصر إذا كان في غاية الصغر وفي مقدار جزء من أجزاء الخردلة، وكان فيه شفيف يسير، وكان لونه قوياً وكان مع ذلك منكسفاً، وكان على وجه الأرض، فإن البصر إذا أدرك المبصر الذي بهذه الصفة وهو على وجه الأرض أو على جسم من الأجسام الكثيفة فإنه لا يدرك الشفيف الذي فيه، لأنه إذا كان وراءه جسم كثيف فليس يظهر الضوء من ورائه. وإذا كان في غاية الصغر، وكان مع ذلك قوس اللون، فإن لون الجسم الذي وراءه والذي تحته إن كان يشف من ورائه فليس يتميز للبصر لونه من لون ذلك الجسم إذا كان الجسم في غاية الصغر. فليس يدرك البصر شفيف الجسم المفرط الصغر إذا كان مشفاً في أكثر الأحوال وكان مع ذلك متلوناً، وإذا لم يظهر شفيف الجسم وكان الجسم متلوناً وكان لونه منكسفاً وكان البصر يدركه ويدرك لونه فإن البصر يدركه كثيفاً.
وإذا أدرك البصر المبصر المشف كثيفاً فهو غالط فيما يظنه من كثافته. والغلط في الشفيف وفي الكثافة هما غلطان في القياس لأن الشفيف والكثافة يدركان بالقياس. وعلة هذين الغلطين على الوجوه التي وصفناها هو الصغر المفرط المانع للبصر من تأمل أحوال المبصرات التي بهذه الصفة، لأن المبصر إذا كان مقتدر الحجم فإن البصر يدرك شفيفه إذا كان مشفاً، ويدرك كثافته إذا كان كثيفاً، إذا كانت المعاني الباقية التي فيه في عرض الاعتدال.
الظل والظلمة وقد يعرض الغلط في الظل والظلمة أيضاً من أجل الصغر المفرط على وجه من الوجوه. وذلك أن الحيطان البيض والأبواب والأخشاب إذا كان فيها نقط سود أو منكسفة اللون، ربما ظنها البصر ثقوباً صغاراً دقاقاً، وإذا كانت سوداً بذلك السواد أنه ظلمة دواخل تلك الثقوب، وإذا كانت منكسفة الألوان ولم تكن شديدة السواد وكان على سطح ذلك الجسم ضوء قوي ظن بذلك اللون أنه دواخل الثقوب لن الضوء لا يصل إلى دواخل الثقوب في أكثر الأحوال.
وإذا أدرك البصر النقط التي بهذه الصفة وظن أنها ثقوب وأن سوادها إنما هو ظلمة وأن ما كان منها منكسف اللون فهو للظل الذي في داخلها فإنه غالط فيما يظنه من الظل والظلمة على هذه الصفة. ويكون غلطه غلطاً في القياس لأن الظل والظلمة تدركان بالقياس. وعلة هذا الغلط هو صغر مقادير تلك النقط، لأن النقط التي تكون في سطوح الأجسام إذا كانت مقتدرة الحجم فإن البصر يدركها نقطاً ولا يعرض الغلط فيها إذا كانت المعاني الباقية التي فيها في عرض الاعتدال.
الحسن والقبح وقد يعرض الغلط في الحسن والقبح أيضاً من أجل الصغر المفرط. وذلك ان المبصر إذا كان في غاية الصغر وكان شكله شكلاً مستقبحاً وكان ذا زوايا وزوائد في غاية الصغر، أو كانت فيه معان لطيفة في غاية الدقة من وشوم ونمش ومسامير وأجزاء متميزة، وكانت تلك الزوايا وتلك الزوائد وتلك المعاني اللطيفة تقبح صورته وتشينه، وكانت تلك الزوايا والزوائد والمعاني اللطيفة التي تشينه تخفى عن البصر لفرط صغرها ودقتها، فإن البصر يدرك شكل المبصر وصورته على خلاف ما هي عليه ولا يدرك المعاني اللطيفة التي تكون فيه التي هو بها مستقبح. وإذا لم يدرك البصر المعاني اللطيفة التي من أجلها تقبح صورة ذلك المبصر فليس يدرك البصر قبح ذلك المبصر. فإذا كان ما يظهر من شكل ذلك المبصر وما يظهر من لونه ومن جملة صورته مستحسناً فهو يدرك ذلك المبصر مستحسناً. وإذا أدرك البصر المبصر القبيح مستحسناً فهو غالط فيما يدركه من حسنه.
وكذلك إذا كان المبصر في غاية الصغر، وكان ظاهر صورته مستقبحاً، وكانت فيه معان لطيفة تحسن صورته، وكان البصر لا يدرك تلك المعاني اللطيفة لفرط صغرها، فإن البصر يدرك المبصر مستقبحاً. وإذا كان ذلك المبصر حسن الصورة بما فيه من المعاني اللطيفة، وكان ظاهر صورته مستقبحاً، وكان البصر يدرك صورته ولا يدرك المعاني اللطيفة التي فيه، ويظن من أجل ما يظهر من صورته انه قبيح الصورة فهو غالط فيما يظنه من قبحه.
والغلط في الحسن والقبح هو غلط في القياس لأن الحسن والقبح يدركان بالقياس، ولأن هذا الغلط إنما هو لتعويل البصر على المعاني الظاهرة وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو الصغر المفرط لأن البصر المقتدر الحجم ليس يخفى عن البصر محاسنه ومقابحه إذا كانت المعاني الباقية التي فيه في عرض الاعتدال.
التشابه والاختلاف وقد يعرض الغلط في التشابه والاختلاف أيضاً من أجل الصغر المفرط على هذا الوجه. وذلك أن المبصرين إذا كانا في غاية الصغر وكانا متساويين فيما يظهر من صورتيهما، وكان فيهما مع ذلك معان في غاية اللطافة يختلفان فيها، وكان البصر لا يدرك المعاني اللطيفة التي في ذينك المبصرين التي بها يختلفان لفرط صغرها ولطافتها ويدرك ظاهر الصورتين، فإن البصر يظن بذينك المبصرين أنهما متشابهان ولا يحكم لهما بشيء من الاختلاف. وإذا أدرك البصر المبصرين المختلفين متشابهين فهو غالط في تشابههما.
وكذلك إذا كان المبصران مختلفي الصورتين فيما يظهر من صورتيهما، وكان فيهما مع ذلك معان لطيفة يتشابهان فيها، وكان البصر لا يدرك تلك المعاني الطيفة لفرط دقتها ولطافتها، ويدرك ظاهر الصورتين، فإن البصر يظن بذينك المبصرين أنهما مختلفان ولا يحكم لهما بشيء من التشابه. وإذا أدرك البصر المبصرين المتشابهين مختلفين على الإطلاق فهو غالط فيما يظنه من اختلافهما.
والغلط في التشابه والاختلاف هو غلك في القياس، لأن التشابه والاختلاف يدركان بالقياس ولأن هذا الغلط هو لتعويل البصر على المعاني الظاهرة وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو الصغر المفرط، لن المبصرين إذا كانا مقتدري الحجم وكانا متشابهين أو مختلفين بمعان لطيفة تكون فيهما نظيرة للمعاني التي تكون في المبصر الذي في غاية الصغر ومناسبة للمبصر المقتدر الحجم، فإن البصر يدرك تشابه المتشابهين فيهما ويدرك اختلاف المختلفين إذا كانت المعاني الباقية التي فيهما في عرض الاعتدال.
فعلى هذه الصفات وأمثالها يكون غلط البصر في القياس من أجل خروج حجم المبصر عن عرض الاعتدال، أو خروج حجم المعاني التي في المبصر عن عرض الاعتدال.

.غلط البصر من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال:

فأما كيف يكون غلط البصر في القياس من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر المشف الشديد الشفيف النقي البياض، كالزجاج والبلور وما جرى مجراهما، إذا كان الجسم من الأجسام ذا سمك مقتدر، وكان سطحه مستوياً، وكان سطحه مائلاً على خطوط الشعاع، وكان وراءه ضوء قوي. فإن البصر إذا أدرك المبصر الذي بهذه الصفة فإنه يدركه مضيئاً شديد الإضاءة. فإذا كان المبصر مرتفعاً عن سطح الأرض، ولم يكن مماساً لجسم من الأجسام الكثيفة، فإن البصر لا يتحقق ميل سطحه ولا يدركه إلا كما يدرك المبصر المواجه ولا يتحرر له أيضاً هيئة سطحه. وذلك لأن المبصر إذا كان في غاية الشفيف، وكان وراءه ضوء قوي، فإن البصر إنما يدرك الضوء الذي وراءه ولا يدرك الجسم المشف نفسه إذا كان في غاية الشفيف. وإذا كانت فيه كثافة يسيرة فإنه يدركه لما فيه من الكثافة، ولكن إدراكاً غير محقق. وإذا أدركه إدراكاً غير محقق فليس يتحقق وضعه ولا يفرق البصر بين السطح المائل الذي بهذه الصفة وبين السطح المواجه. وإذا أدرك البصر السطح المائل مواجهاً فهو غالط في وضعه وفي بعد أطرافه أيضاً، لأن المائل تكون أبعاد أطرافه مختلفة، والمواجه تكون أبعاد أطرافه متساوية، فإذا أدرك البصر المائل مواجهاً فهو يدرك الأبعاد المختلفة متساوية.
الشكل وكذلك إذا كان سطح المبصر الذي بهذه الصفة محدباً تحديباً يسيراً أو مقعراً تقعيراً يسيراً، فإن البصر لا يدرك تحديبه ولا تقعيره، ولا يفرق بين السطح المحدب والمقعر والمسطح، إذا كان الجسم شديد الشفيف ولم يكن فيه من الكثافة إلا قدر يسير، وكان التحديب أو التقعير الذي فيه يسيراً، وكان الضوء الذي يظهر من ورائه قوياً، لأنه لا يتحقق صورة سطحه من أجل شدة شفيفه وقوة الضوء الذي يظهر من ورائه. وإذا لم يدرك البصر التحديب والتقعير الذي في سطح المبصر، فيظن بسطح المبصر أنه مسطح، فهو غالط في شكل السطح.

.العظم:

وإذا أدرك البصر المبصر المشف الذي بهذه الصفة، وكان سطحه مسطحاً ومائلاً على خطوط الشعاع، وأدركه البصر مواجهاً، فإنه يغلط في عظم ذلك السطح أيضاً، لأن العظم إنما يدركه البصر من قياس العظم بالزاوية التي يوترها ذلك العظم وببعد ذلك العظم، فإذا كان المبصر مائلاً وأحس البصر بميله أدرك مقداره أعظم من مقدار المبصر المواجه الذي يوتر زاوية مساوية لتلك الزاوية. وإذا أدرك المبصر المائل مواجهاً فهو يقيس عظمه بالزاوية التي يوترها ذلك العظم وببعد أطرافه على أنها متساوية، فيدرك عظمه من أجل ذلك أصغر من مقداره الحقيقي.
التفرق والاتصال وإن كان في الجسم المشف الذي بهذه الصفة خط مخطوط في سطحه من جسم كثيف متلون، أو كان جزء من ذلك الجسم كثيفاً وممتداً في طوله أو عرضه، أو كان وراءه جسم كثيف ملتصق به كالعود وما يجري مجراه، وكان ذلك الخط أو ذلك الجزء أو ذلك العود مقتدر العرض، فإن البصر ربما ظن بالجسم المشف الذي بهذه الصفة أنه جسمان مفترقان، وأن الخط الكثيف أو الجزء الكثيف الذي يظهر في سطحه هو جسم ثالث متوسط بين الجسمين المشفين. وذلك لأن شدة الضوء الذي يظهر من وراء الجسم المشف يمنع البصر من تأمل المعاني التي تكون في ذلك المبصر. فإذا ظهر في سطح المبصر الذي بهذه الصفة جزء مقتدر العرض وكان كثيفاً فإن البصر لا يتحقق مع ذلك اتصال الجسم المشف. وإذا ظن البصر بالجسم المتصل أنه جسمان متفرقان فهو غالط فيما يدركه من التفرق وغالط في العدد أيضاً.
وكذلك إن كان المبصر المشف الذي بهذه الصفة جسمين أو أكثر من جسمين منطبق أحدهما على الآخر، وكانت سطوحها المنطبق بعضها على بعض في غاية التشابه، فإن البصر لا يدرك الانفصال الذي بين الأجسام التي بهذه الصفة.
وكذلك إن كان بين الجسمين من هذه الأجسام تفرق يسير، وكان نهاية التفرق الذي بينهما في السطح المائل على خطوط الشعاع، فإن البصر لا يدرك التفرق الذي بينهما، لأن نهاية التفرق إذا كان في السطح المائل فليس يدرك البصر الضوء الذي من وراء التفرق وإنما يدرك الضوء من وراء الجسم المشف فلا يحس بالتفرق.
وإذا لم يدرك البصر التفرق فإنه يظن بالجسمين أنهما جسم واحد متصل، وإذا ظن بالجسمين المتفرقين أو الأجسام المتفرقة أنها جسم واحد متصل فهو غالط فيما يدركه من الاتصال وغالط في عددها أيضاً. والغلط في البعد وفي الوضع وفي الشكل وفي العظم وفي التفرق وفي الاتصال وفي العدد هي أغلاط في القياس لأن هذه المعاني إنما تدرك بالقياس. وعلة هذه الأغلاط إنما هو خروج الكثافة التي في المبصر الذي بهذه الصفة عن عرض الاعتدال، لن المبصر الذي بهذه الصفة إذا كان كثيفاً، أو كان مشفاً شفيفاً يسيراً وكانت في كثافة قوية، لم يكن الضوء الذي يظهر من ورائه مسرف القوة، وإذا لم يكن الضوء الذي يظهر من وراء الجسم المشف مسرف القوة فإن البصر يدرك ميل سطحه إذا كان مائلاً، ويدرك اختلاف أبعاد أطرافه، ويدرك عظمه، ويدرك التفرق الذي يكون فيه إن كان فيه تفرق، ويدرك اتصاله إذا كان متصلاً، ويدرك جميع المعاني التي فيه ولا يعرض له الغلط في شيء منها، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك الجسم في عرض الاعتدال.